خبر صحفى فى كل الجرائد اليومية وفضفضة عانس على إحدى مدونات الإنترنت كانا مصدراً للاستفزاز، وطرحا أمامى سؤالاً صعباً ومحبطاً، هل هناك سبيل لتقدمنا بهذه المفاهيم وهذا الفكر، وهل الثورة مجرد نصوص سياسية، أم هى ثورة فكرية وثقافية وعلمية بالأساس؟ الخبر هو أن معظم تظلمات طلبة الثانوية العامة من مادة الفيزياء، وأن السبب الأساسى بل الوحيد فى هجر الطلبة القسم العلمى هو هذه الفيزياء الملعونة! أما الموضوع المكتوب فى إحدى المدونات فهو شكوى طبيبة عانس من أن الذى تقدم لخطبتها أخيراً وتجرأ على طلب يدها هو شخص أقل منها فى المستوى العلمى، فهو للأسف مجرد خريج كلية علوم وكمان قسم فيزياء، بعيد عن السامعين!! يعنى حضرتها لو كان تقدم لها أحمد زويل كانت سترفضه لأنه خريج كلية لامؤاخذة بيئة اسمها كلية العلوم!!. للأسف لن يحدث أى تقدم علمى حقيقى إلا بحب وعشق الفيزياء، وهذا الحب ليس مجرد إعجاب اختيارى بل هو قرار إجبارى وحتمى لكل من يريد اللحاق بقطار الحضارة السريع الذى لا ينتظر أحداً ممن تعودوا وأدمنوا ركوب السبنسة أو قطارات البضاعة!! فالطبيبة التى تتباهى بتميزها الاجتماعى والعلمى هى صفر دون علم الفيزياء، فالليزر والمناظير وأجهزة الأشعة التشخيصية والعلاجية والسونار وأجهزة التحاليل... إلخ، كلها هبة هذه الفيزياء العظيمة، ولابد أن يضع وزير التربية والتعليم خطة طموحاً لتحبيب وترغيب ومكافأة من يتفوق فى هذا العلم بالذات، ولننظر إلى الجارة اللدود إسرائيل كيف تقدمت علمياً؟ إنها الفيزياء. بهذه المناسبة سأعرض لكم فقرة من رسالة باحث فيزياء هو د. شعبان خليل عن فيزياء الجسيمات الأولية التى أظن أن ٩٩% من القراء لم يسمعوا بها، لتدركوا إحنا بنفكر فى إيه وهما بيفكروا فى إيه، وكم تقدمت الفيزياء وكيف أصبح مدى طموحها؟ إنها تطمح إلى تفسير نشأة الكون!!. يقول د. شعبان: «أدت دراسة التركيب الذرى للمادة فى النصف الثانى من القرن العشرين إلى تطور علمين أساسيين هما: الفيزياء النووية، وفيزياء الجسيمات الأولية، تختص الفيزياء النووية بدراسة سلوك أنوية الذرات ككل والتفاعلات التى تشارك فيها، بينما تختص فيزياء الجسيمات الأولية بدراسة خواص وتفاعلات الجسيمات المكونة للأنوية، تطورت فيزياء الجسيمات الأولية بشكل متسارع لم تعرفه العلوم الأخرى لدرجة أنه قد يبدو للبعض أن المواضيع التى يهتم بها فيزيائى الجسيمات الأولية تتغير من يوم لآخر، ولكن يبقى دائما الهدف الأساسى لفيزياء الجسيمات الأولية واحدا لا يتغير وهو محاولة الكشف عن بداية الكون وأصل نشأته وتطوره. لقد شهد شهر سبتمبر ٢٠٠٩ البدء فى أهم وأكبر تجارب فيزياء الجسيمات الأولية التى تعرف باسم مصادم الهيدرونات الكبير (LHC) الذى يعد أقوى المعجلات التى بنيت لدراسة خواص الجسيمات الأولية وأعلاها طاقة، فمنذ عام ١٩٩٠ ومركز الأبحاث النووية الأوروبية (CERN) بسويسرا يعد لهذا المشروع الضخم بتعاون دولى، حيث إن معظم دول العالم تساهم فيه. خلال هذه التجارب سوف يتم التصادم بين البروتونات مع بعضها البعض عند طاقة قدرها ١٤٠٠٠ جيجا ألكترون فولت، تلك الطاقة العالية سوف تتيح لنا أن نغوص فى أعماق المادة أكثر من ذى قبل لعلنا نجد أجوبة لبعض من الأسئلة المطروحة والجسيمات الأولية المفترض وجودها، تلك النتائج سوف تمكننا من فهم أعمق للجسيمات الأولية المكونة للكون وكذلك للقوى الأساسية للطبيعة، يبلغ محيط مصادم الهيدرونات (LHC) حوالى ٢٧ كيلومتراً ويوجد على عمق يتراوح بين ٥٠ و١٧٠ متراً تحت سطح الأرض، على الحدود بين سويسرا وفرنسا، يحتوى نفق الـLHC على أنبوبتين يدفع بهما البروتونات بطاقة تصل إلى ٤٥٠ جيجا ألكترون فولت ثم يتم تسارعهما فى الاتّجاهات المعاكسة بواسطة مغناطيسات فائقة التوصيل مبردة بالهليوم السائل مما يجعل كل شعاع من البروتونات يدور داخل أنبوبته المفرغة (أكثر من أربعمائة مليون لفة) مما يكسبها طاقة عاليه تصل إلى ٧٠٠٠ جيجا ألكترون فولت وعندها تستخدم مغناطيسات إضافية لتوجيه البروتونات إلى نقاط تصادم تحدث عندها تفاعلات داخل خمس تجارب أساسية للـLHC، لكل منها أهداف محددة من الكشف عن جسيمات أو تفاعلات جديدة قد تنتج من هذا التصادم».